الفكرة هي الملك

مازن

 


"الفكرة هي الملك" - الأساس الأول للكتابة الإبداعية

مقدمة: الفكرة قبل الكلمة

الفكرة هي الملك. قبل أن تبدأ في الكتابة، وقبل أن تضع أصابعك على لوحة المفاتيح، عليك أن تدرك هذا:

الفكرة هي العمود الفقري لأي نص إبداعي ناجح. الكلمات هي مجرد أدوات، لكن الفكرة هي التي تقودها وتمنحها الحياة. بدون فكرة واضحة، ستكون الكتابة مجرد كلمات فارغة، حتى لو كانت جميلة في تركيبها.

التفكير الإبداعي: كيف تحضر الفكرة؟

الكتابة الإبداعية تبدأ من التفكير الإبداعي، وأقصد هنا التفكير خارج الصندوق، الخروج من النمطيات المعتادة، والبحث عن زوايا جديدة لطرح الموضوع. هنا نبدأ أول خطوة، وهي: كيف تخلق فكرة قوية؟

  1. التحفيز والتأمل:
    حسن مطر دايمًا بيوصي بإنك تأخذ وقتك في التفكير. لا تبدأ الكتابة بدون تأمل. اجلس في مكان هادئ، أغلق عينك، وابدأ في تخيل فكرة موضوعك. حاول أن تنظر للأشياء من زوايا غير معتادة. على سبيل المثال، إذا كنت تكتب عن "النجاح"، اسأل نفسك: كيف يمكنني أن أتناول هذا الموضوع بشكل مختلف؟ ربما بدلاً من الحديث عن النجاح كإنجازات مادية، تتحدث عن النجاح كإحساس داخلي بالرضا.

  2. البحث عن المحفزات:
    الأفكار لا تأتي دائمًا من العدم. أحيانًا، تكون البيئة المحيطة بك أو ما تراه وتسمعه هي التي تحفزك. حسن مطر يؤمن بأن الكاتب يجب أن يكون دائمًا في حالة "استقبال" للأفكار. استمع للأحاديث العادية بين الناس، راقب الأحداث اليومية، اقرأ كتبًا مختلفة. هذه الأشياء الصغيرة قد تفتح أمامك أبوابًا جديدة للفكر.

  3. طرح الأسئلة الصعبة:
    دائمًا اسأل نفسك: ماذا لو؟. هذا السؤال هو مفتاح الإبداع. على سبيل المثال، لو كنت تكتب عن "التحفيز"، اسأل نفسك: "ماذا لو كان التحفيز وهمًا؟" أو "ماذا لو لم نكن بحاجة إلى التحفيز لننجح؟". هذه الأسئلة العميقة تأخذك إلى أبعاد جديدة للفكرة التي لم يفكر فيها أحد من قبل.

تحليل الفكرة: كيفية التأكد من قوة الفكرة

بعد أن تجد الفكرة، لا تقفز مباشرة إلى الكتابة. عليك أن تحلل فكرتك لتتأكد من قوتها وقدرتها على إحداث التأثير المطلوب. حسن مطر يعلمنا أن الفكرة الجيدة هي تلك التي تطرح سؤالًا أو تثير تحديًا أمام القارئ.

  1. هل فكرتي جديدة؟
    هذا هو السؤال الأول. إذا كنت تقدم فكرة قديمة بنفس الطريقة التقليدية، فإن القارئ سيتجاهلك ببساطة. حاول دائمًا أن تضيف لمسة جديدة. على سبيل المثال، لو كنت تكتب عن "التكنولوجيا"، هل يمكنك أن تتحدث عن الجانب الأخلاقي للتكنولوجيا بدلًا من مجرد الحديث عن التقدم التكنولوجي؟

  2. هل فكرتي مثيرة للاهتمام؟
    الفكرة الجيدة ليست فقط جديدة، بل يجب أن تكون مغرية. يجب أن تدفع القارئ للاستمرار في القراءة. حسن مطر بارع في جعل أفكاره تبدو وكأنها شيء لا يمكن للقارئ تجاهله. على سبيل المثال، لو كنت تكتب عن "النجاح"، بدلاً من تقديم النصائح العادية، ابدأ بسؤال صادم: "ماذا لو كان النجاح هو أكبر كذبة ترويها لنفسك؟".

  3. هل فكرتي قابلة للتنفيذ؟
    هناك أفكار رائعة، لكنها غير عملية أو بعيدة عن الواقع. حاول أن تتأكد من أن فكرتك يمكن تطبيقها أو على الأقل يمكن للقارئ أن يتفاعل معها. حسن مطر يحب تقديم الأفكار التي ترتبط بحياة الناس وتلامس مشاعرهم، ولهذا دائمًا ما تشعر بأن كتاباته واقعية وقريبة من القلب.

التوسع في الفكرة: بناء الفكرة إلى نص متكامل

الآن، بعدما تأكدت من أن فكرتك قوية وجذابة، تأتي مرحلة تطوير الفكرة وتحويلها إلى نص متكامل. وهنا سنأخذ الفكرة كحجر الأساس ونبني فوقها القصر.

  1. العصف الذهني:
    حسن مطر يؤمن بأنك يجب أن تكون في حالة تدفق مستمر للأفكار. ضع فكرتك الأساسية في منتصف الورقة، ثم ابدأ في تفريع الأفكار المرتبطة بها. ماذا سيحدث إذا تناولت الفكرة من زاوية عاطفية؟ ماذا لو نظرت إليها من زاوية منطقية؟ هل يمكنني إضافة قصة حقيقية لدعم الفكرة؟ اكتب كل ما يخطر ببالك، لا تخجل من الأفكار التي قد تبدو غريبة في البداية.

  2. التركيز على المحور العاطفي:
    أي نص إبداعي ناجح يجب أن يلمس العواطف البشرية. البشر يتأثرون بما يشعرون به، أكثر مما يتأثرون بما يعرفونه. حسن مطر دائمًا يركز على المحور العاطفي للفكرة. حاول أن تسأل نفسك: كيف يمكنني أن أجعل هذه الفكرة تؤثر على القارئ؟ إذا كنت تكتب عن "النجاح"، هل يمكنك أن تركز على الجانب العاطفي للتحديات التي يواجهها الشخص لتحقيق هذا النجاح؟

  3. البناء السردي:
    بعد وضع الأفكار المتفرعة، تأتي مرحلة بناء السرد. حسن مطر يحب أن يبني كتاباته على شكل قصة. ابدأ بوضع مقدمة تجذب القارئ وتضعه في قلب الفكرة. ثم انتقل إلى عرض المشكلة أو النقطة الأساسية التي تناقشها. بعد ذلك، انتقل إلى الحل أو النتيجة التي تريد الوصول إليها.

النقطة الأخيرة: لا تكتب حتى تشعر بالفكرة

هذا درس ذهبي من حسن مطر. لا تبدأ الكتابة إذا لم تكن تشعر بالفكرة بشكل عميق. إذا شعرت أن فكرتك لا تؤثر عليك شخصيًا، فغالبًا لن تؤثر على القارئ. حاول أن تتعمق في الفكرة، تلمس أبعادها، وتعيشها في ذهنك قبل أن تكتبها على الورق.


تطبيق عملي: كيف تكتب عن فكرة "النجاح"؟

دعنا نأخذ فكرة النجاح كمثال عملي. كيف يمكننا تطبيق كل ما تعلمناه في هذا الدرس على هذه الفكرة؟

  1. البحث عن الفكرة الأساسية:
    بدلاً من الحديث عن النجاح بمعناه التقليدي، اسأل نفسك: كيف يمكنني أن أقدم مفهوم النجاح بشكل مختلف؟ ربما تكون فكرتك هي: "النجاح ليس الوصول إلى القمة، بل القدرة على الاستمرار بعد الفشل".

  2. تحليل الفكرة:
    هل هذه الفكرة جديدة؟ نعم، لأنها تقدم مفهومًا مختلفًا عن النجاح.
    هل هي مثيرة للاهتمام؟ بالتأكيد، لأنها تجعل القارئ يعيد التفكير في مفهوم النجاح.
    هل هي قابلة للتطبيق؟ نعم، لأنها تلامس حياة كل شخص يمر بتجارب الفشل والنجاح.

  3. تطوير الفكرة:
    ابدأ بكتابة مقدمة قوية: "كلنا نبحث عن النجاح، لكن هل تساءلت يومًا إن كان الفشل هو مفتاح النجاح الحقيقي؟".
    بعد ذلك، انتقل لشرح كيف أن النجاح ليس مجرد تحقيق الأهداف، بل هو القدرة على التعامل مع الفشل.
    ثم اختتم بدرس ملهم: "النجاح ليس في الوصول إلى النهاية، بل في الرحلة نفسها، وفي قدرتك على الوقوف بعد كل سقوط".


الخلاصة

الدرس الأول والأهم في الكتابة الإبداعية هو: الفكرة هي الملك. الكلمات مجرد أدوات، لكن الفكرة هي التي تعطي النص روحًا وتأثيرًا. لا تبدأ الكتابة إلا إذا كانت لديك فكرة قوية، مثيرة، وقابلة للتنفيذ. حلل فكرتك، تطلع إلى أبعادها المختلفة، ثم ابدأ في بناء نص متكامل يعتمد على العواطف والقصة.

Getting Info...

إرسال تعليق

Cookie Consent
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.
Oops!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.
AdBlock Detected!
لقد اكتشفنا أنك تستخدم مانع اعلانات في متصفحك.
تُستخدم الإيرادات التي نحققها من الإعلانات لتحسين الموقع ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء لمانع الاعلانات